وبصورة أخرى نصيغ السؤال: هل دين اليهود، وعقيدة التوراة و
التلمود نفي الصفات؟ أم على العكس من ذلك وهو الإثبات؟
إذا قلنا: في الحقيقة من قرأ التوراة وجد التشبيه والتمثيل، والله يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) لكن في التوراة يثبتون لله المثل، وتبعهم أحبار
التلمود الذين كتبوه، وهو عبارة عن شريعة اليهود الشارحة للتوراة، فإذا نظرنا إلى يهودي يؤمن بالتوراة و
التلمود، فإن عقيدته تكون التمثيل، فهو يمثل الله تعالى بخلقه، ويجعل صفات الخالق مثل صفات المخلوقين، ومع ذلك أول ما نقرأ في التوراة المحرفة في أول سفر التكوين، يقولون في هذا السفر عندما يتحدثون عن الله سبحانه وتعالى: (إن الله سبحانه وتعالى خلق الآن الإنسان على صورتنا كشبهنا، ثم إنه لما خلق الإنسان خلق آدم وحواء عريانين لا يلبسان شيئاً، ولا يعرفان أهمية ولا قيمة الثياب، وحجب عنهما أو نهاهما عن الأكل من شجرة معرفة الخير والشر، قال لهما: من كل شجر الجنة تأكلان إلا شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكلا منها) ثم يأتي تشبيه وتمثيل صفات الله بخلقه بقولهم: (إن المرأة أغوت الرجل عن طريق الحية، جاءت الحية وكلمت المرأة، والمرأة أغوت الرجل، فأكلا من شجرة معرفة الخير والشر، فلما أكلا منها تبين لهما أنهما عريانان فسترا أجسادهما) يقول: (وبينما الرب في الصبح عند هبوب الريح يتمشى في الجنة وينادي: يا آدم .. يا حواء .. فلم يجبه أحد قال: أين أنتما؟ أين أنتما؟ قالا: نحن مختبئان،قال: لماذا اختبأتما؟ قالا: لأننا كنا عريانين قال: إذاً: أنتما أكلتما من شجرة معرفة الخير والشر، فعلمتما أنكما عريانان) سبحان الله وكأن الله ما علم عنهما وما تفطن لهما تعالى الله عما يقولون!
هكذا تبدأ التوراة، ثم في مواضع كثيرة تجد العجب من أمثال هذا، إذاً دين اليهود هو الإثبات إلى حد التمثيل، ويجعلون الله سبحانه وتعالى كأي واحد من الخلق، وهذا أبعد شيء عن التجريد والنفي المطلق الذي يقول به
الفلاسفة، وهو أنه لا يوصف بشيء مطلقاً حتى قلنا: إنه قد غلا بعضهم فقال: لا يوصف لا بصفة وجود ولا بصفة عدم، لا ثبوت ولا سلب أبداً.